<BLOCKQUOTE>
بسم الله الرحمن الرحيم
بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال
1- حديث أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ فَقَالَ: بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال
(إِيمانٌ بِاللهِ وَرَسُولِهِ قِيلَ: ثُمَّ ماذا قَالَ: الْجِهادُ في سَبيلِ اللهِ قِيلَ: ثُمَّ ماذا قَالَ: حَجٌّ مَبْرورٌ).
2- حديث أَبي ذَرٍّ رضي الله عنه، قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ قَالَ:
(إِيمانٌ بِاللهِ وَجِهادٌ في سَبيلِهِ قُلْتُ: فَأَيُّ الرِّقابِ أَفْضَلُ قَالَ: أَغْلاها ثَمَنًا وَأَنْفَسُها عِنْدَ أَهْلِهَا قُلْتُ:
فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ قَالَ: تُعِينُ صَانِعًا أَوْ تَصْنَعُ َلأخْرَقَ قَالَ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ قَالَ: تَدَعُ النَّاسَ مِنَ الشَّرِّ
فَإِنَّها صَدَقَةٌ تَصَدَّقُ بِها عَلى نَفْسِكَ).
3-حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلى اللهِ قَالَ:
(الصَّلاةُ عَلى وَقْتِها قَالَ: ثُمَّ أَيّ قَالَ: ثُمَّ بِرُّ الْوالِدَيْنِ قَالَ: ثُمَّ أَيّ قَالَ: الْجِهادُ في سَبيلِ اللهِ قَالَ
حَدَّثَنِي بِهِنَّ، وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي).
الشرح:
دلت هذه الأحاديث على أن الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال وأعلى الشعب التي يتقرب بها
العبد لله تعالى وذلك لأنه أصل الأعمال فلا تصح إلا به ولأنه أول واجب على المكلف فلا تقبل
منه سائر الأعمال من عمل القلب واللسان والجوارح إلا بتحقق الإيمان. ولا شك أنه لا
يمكن للمكلف أن يأتي بالجهاد أو الحج أو الصلاة أو غيره من الأعمال إلا يكون الإيمان مقرونا
بهذا العمل لا ينفك عنه ولا يتخلف عنه فعلى هذا يكون مراد النبي صلى الله عليه وسلم في
تقديم الإيمان وتفضيله بيان أهمية الإيمان وعظم منزلته أو يكون المراد بالإيمان بهذا السياق
ما يقوم في قلب العبد من القول والعمل من التصديق والتعظيم والخوف والرجاء
والمحبة واليقين وغير ذلك من أعمال الباطن. واختلاف جواب النبي صلى الله عليه وسلم في
حديثه يرجع على الصحيح إلى اختلاف الأحوال والأشخاص والأسباب الداعية للجواب.
وفي هذه الأحاديث فضل الجهاد في سبيل الله وقد تكاثرت النصوص على عظم منزلته
في الدين لأنه السياج الحصين الذي يحمي الدين وبيضة المسلمين ويساهم في نشر
الإسلام في المعمورة ولكن يشترط في مشروعيته وتحقق فضله وثوابه أن يكون مشروعا
موافقا للشرع في الباطن والظاهر بهذه الشروط:
1- أن يكون القتال في سبيل الله لإعلاء كلمة الله لا حمية ولا عصبية ولا قومية.
2- أن يكون خالصا لوجه الله تعالى لا لغرض من الدنيا.
3- أن يكون تحت راية شرعية ظاهرة لا يختلف فيها أهل الحق.
4- أن يكون بإذن الإمام الشرعي.
5- أن يكون القتال موافقا لأحكام الشرع الواردة في الجهاد خاليا من قتال الفتنة والشبهة.
وفيها دليل على فضل الحج التام الكامل الخالص من مفسدات العمل ومنقصاته في
النية والعمل بحيث يكون الحج خالصا لوجه الله سالما من الرفث والفسوق والبطلان فهذا
هو الموجب للجنة وتكفير جميع السيئات. ودل الحديث على فضل عتق أغلى الرقاب عند
الناس لوجه الله تعالى فمن أعتق مملوكا في الدنيا أعتقه الله يوم القيامة فالجزاء من
جنس العمل. وفيه فضل الإحسان إلى الناس بصنع المعروف لهم خاصة ذوي الحاجة
والعاهة وقلة المعرفة بطرق الكسب وقد قل العمل بهذه السنة في زماننا. وفيه فضل
كف الأذى والشر عن الخلق مع كونها من التروك لأن الشريعة جاءت بتعظيم حرمات المسلمين
واحترام ممتلكاتهم. ودل الحديث الثالث على فضل أداء الصلاة في أول وقتها لعظم
شأنها فهي أعظم عمل يتصل به العبد بربه ويقوم بحقه ولم يرد في الشريعة اهتمام وتأكيد
على أمر كالصلاة ولا يحافظ عليها إلا مؤمن وإنما فضل المبادرة بها أول الوقت لأنه
أبرا للذمة ومن المسابقة للخيرات ويدل على كمال التعظيم لله في قلب العبد لأنه قدم طاعة
الله ومحبته ومراده على محبته ومراده من زخرف الدنيا وزينتها وقد قال تعالى:
(رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ).
وذكر النبي صلى الله عليه وسلم حسن صحبة الوالدين وخدمتهما في فضائل الأعمال
لأن الله قرن شكرهما بشكره فمن شكر الله شكرهما ومن كفر نعمة الله كفرهما وكان
مضيعا لحقهما غالبا وبر الوالدين أعظم طريق لسعادة المرء ورضاه وتوفيقه في الدنيا
والآخرة فهنيئا لمن شرفه الله ببرهما وتعظيمهما
</BLOCKQUOTE>